
حتى مياه الصرف الصحي تقتلنا!
الموت يحيط بنا من كل اتجاهاً وصوب من الأعلى رصاصة راجعة تسقط على اجسادنا فتفتك بنا، من اليمين رصاصة طائشة تنهي حياتنا ومن اليسار رصاصة قاتل ماجور تصرعنا ومن وسطنا قنبلة تنفجر دون قصد فتنثر اشلاءنا وتنهي بثواني معدودات حياتنا، ومن الاسفل مياه مجاري نتنة توقعنا الى الاسفل فتخنقنا وتكتم انفاسنا وتقطعها وتوقف خفقانها، فالموت يحاصرنا وشبحه لايغيب عنا ، ان سلمنا منه، فهو كل يوم يخطف ناس عرفناهم اوسمعنا عنهم .
بالامس طفلة صغيرة بسن البراعم عمرها اربع سنوات تحاول تختصر الطريق الموحش المظلم الذي انطفت انواره بانقطاع التيارالكهربائي وهي تسير مسرعة لبلوغ منزلها وجحرها الآمن بين ابويها فتقع في حفرة منهل صرف صحي وتغرق في مياهه النتنة وبانفسها المتبقية تنادي على ابيها وامها لانقاذها فهي تعرف انهم الوحيدون الحريصين على حياتها ولم تعلم ان الشابان القاعدين في ركن الشارع عندهم النخوة والشجاعة والإقدام ويملأ قلوبهما حنان وعطف ابويها ويدفعهما حرصهما على حياتها للانطلاق لنجدتها فلم يتريثا أو يترددا إنما اتجها نحو مياه المجاري ورميا نفسيهما فيها لانقاذها دون التفكير بما ينتظرهما، فكان بانتظارهما الموت مع الطفلة تلك النسمة البرئية التي مرت امامهما ،ونفض منظر سقوطها واختفاءها في حفرة المجاري كيانهما وعصف بمشاعرهما .
ما يحدث اليوم في عدن وبقية المحافظات الجنوبية من تدهور في الخدمات وانفلات في الأمن وغلاء في الاسعار تتحمله الدولة، فالشعب يدفع ضريبة قاسية موت وخوف وجوع لا قانون ولا شرع يقر بهذه الضريبة، فمن يتحمل مسؤولية ثلاثة من الشباب في اليومين الماضين انفجرت بهم قنبلة يحملونها في سيارة احدهم، اليست الدولة لها علاقة بمقتل اثنين منهم واصابة الآخر ؟ فلولا تغاضيها عن حمل السلاح وانتشاره لما حدث هذا ، وفاجعة الامس التي راح ضحيتها الشابين محمد خالد واحمد عزت والطفلة دنيا فهد العطار في حفرة الصرف الصحي التي تركت مفتوحة وهي في طريق عام ، اليس ذلك من مسؤولية السلطة ام ان عدن اصبحت شوارعها وطرقها خرابة لذلك وجب علينا تحذير اولادنا من الذهاب الى الخرابة يعني نلزمهم بالبقاء في المنازل طوال الوقت!!.
ولا يسعنا في الختام إلا ان نذكر السلطة بعمر ابن الخطاب رضي الله عنه حين قال : لو أن بغلة تعثرت في العراق لسُئل عنها عمر لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق؟

- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها